أحكام
دعوى إثبات علاقة العمل عدم خضوعها للتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698 مدني
برئاسة السيد المستشار/ مصطفى سليم نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور جمال الدين محمود نائب رئيس المحكمة، محمود مصطفى سالم، أحمد طارق البابلي وأحمد زكي غرابه.
الطعن 666 لسنة 49 ق جلسة 11 / 2 / 1985
مكتب فني 36 ج 1 ق 55 ص 241
المبادىء
(1) استئناف "أثر الاستئناف" "نطاق الاستئناف" "الحكم في الاستئناف".
وظيفة محكمة الاستئناف. عدم اقتصارها على مراقبة الحكم المستأنف. رفع الاستئناف. أثره. نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية بما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع.
(2) عمل "علاقة العمل". تقادم "تقادم مسقط: التقادم الحولي".
دعوى إثبات علاقة العمل - لا تعد من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل. عدم خضوعها للتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698 مدني. علة ذلك.
(3) إثبات "قواعد الإثبات". نظام عام.
قواعد الإثبات. عدم تعلقها بالنظام العام. سكوت الخصم عن الاعتراض على الإجراء مع قدرته على إبدائه. اعتباره قبولاً ضمنياً له.
(4) محكمة الموضوع "تقدير شهادة الشهود". إثبات.
تقدير شهادة الشهود واستخلاص الواقع منها. مما يستقل به قاضي الموضوع. سلطته في الأخذ بمعنى للشهادة دون آخر وإطراح ما لا يطمئن إليه وجدانه.
الموجز
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وظيفة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب. وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء.
2 - متى كان مفاد نص المادة 698 من القانون المدني أن الشارع وضع قاعدة عامة تقضي بسقوط دعاوى المطالبة بالحقوق الناشئة عن عقد العمل بمضي سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد عدا تلك المتعلقة بدعاوى انتهاك حرمة الأسرار التجارية أو تنفيذ نصوص عقد العمل التي ترمي إلى ضمان احترام هذه الأسرار وذلك لاعتبارات من المصلحة العامة تقضي باستقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل بعد انتهائه والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من طرفيه، وكانت دعوى المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بإثبات قيام علاقة العمل بين مورثها وبين الطاعنين لا تندرج تحت مدلول عبارة الدعاوى الناشئة عن عقد العمل طبقاً لنص المادة 698 من القانون المدني وليست دعوى بحق ناشئ عن عقد العمل، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة التفرقة بين تقادم الحق وتقادم الدعوى فإن دعوى المطعون ضدها لا تكون خاضعة لأحكام التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني.
3 - لما كانت المطعون ضدها قد تنازلت عن سماع بقية شهودها ولم يعترض الطاعنان على ذلك ولم يتمسكا بسماع شهودهما فأحالت المحكمة الدعوى إلى المرافعة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن قواعد الإثبات غير متعلقة بالنظام العام مما يجيز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً، ويعتبر سكوت الخصم عن الاعتراض على الإجراء مع قدرته على إبدائه قبولاً ضمنياً له، وكان لا يعيب الحكم استناده في قضائه إلى شهادة شاهد المطعون ضدها فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون أو الإخلال بحق الدفاع لا يكون له أساس.
4 - تقدير شهادة الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع فهو غير ملزم بتصديق الشاهد في كل قوله بل له أن يطرح ما لا يطمئن إليه وجدانه كما أن له أن يأخذ بمعنى للشهادة دون معنى آخر تحتمله أيضاً ما دام المعنى الذي أخذ به لا يتجافى مع مدلولها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المرحوم.... أقامت الدعوى رقم 1041/ 76 عمال كلي أسيوط طالبة الحكم بإثبات قيام علاقة العمل بين مورثها والطاعنين خلال الفترة من سنة 1971 حتى سنة 1974 وقالت بياناً لها إن مورثها كان يعمل سائق سيارة لدى الطاعن الثاني سنة 71، سنة 72 ثم لدى الطاعن الأول سنتي 73، 74 حتى توفى في 20/ 8/ 1974 وإذ تبين لها أن الطاعنين لم يشتركا عن مورثها لدى هيئة التأمينات فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان وبتاريخ 24/ 11/ 1976 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بمنطوق الحكم وبعد أن سمعت المحكمة أحد شاهدي المطعون ضدها قضت بتاريخ 20/ 9/ 74 برفض الدعوى استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 15 لسنة 53 ق أسيوط وبتاريخ 21/ 1/ 79 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإثبات علاقة العمل بين مورث المطعون ضدها والطاعنين في المدد الموضحة بصحيفة الدعوى. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بسقوط الدعوى بالتقادم الحولي وأقام قضاءه على عدم سريان هذا التقادم على دعوى إثبات علاقة العمل في حين أن المطعون ضدها في صحيفة الاستئناف دفعت بتوفر سبب من أسباب انقطاع التقادم ولم تنازع في أصل سريانه على الدعوى وإذ كان الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وظيفة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء - لما كان ذلك وكانت طلبات المطعون ضدها في الاستئناف هي إلغاء الحكم المستأنف فإن الدفع بسقوط الحق في رفع الدعوى يكون مطروحاً على المحكمة الاستئنافية وعليها أن تقول كلمتها فيه فضلاً عن أن الثابت من صحيفة الاستئناف (المقدم صورتها الرسمية) دفاع المطعون عليها بعدم انطباق التقادم المنصوص عليه في المادة 698 مدني على الدعوى مفاد ذلك منازعتها في خضوعها لهذا النوع من التقادم ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني من الطعن الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقولان إنه لما كان الحكم قد جرى في قضائه على عدم سريان التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني على الدعوى بإثبات قيام علاقة العمل في حين أن العقد هو مصدر الالتزام وأن الدعوى عنصر في الحق لا يكون له وجود بغيرها فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه لما كان النص في المادة 698 من القانون المدني على أنه "تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد إلا فيما يتعلق بالعمالة والمشاركة في الأرباح والنسبة المئوية في جملة الإيراد فإن المدة فيها لا تبدأ إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد، ولا يسري هذا التقادم الخاص على الدعاوى المتعلقة بانتهاك حرمة الأسرار التجارية أو بتنفيذ نصوص عقد العمل التي ترمي إلى ضمان احترام هذه الأسرار "مفاده أن الشارع وضع قاعدة عامة تقضي بسقوط دعاوى المطالبة بالحقوق الناشئة عن عقد العمل بمضي سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد عدا تلك المتعلقة بدعاوى انتهاك حرمة الأسرار التجارية أو تنفيذ نصوص عقد العمل التي ترمي إلى ضمان احترام هذه الأسرار وذلك لاعتبارات من المصلحة العامة تقضي باستقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل بعد انتهائه والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من طرفيه، وكانت دعوى المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بإثبات قيام علاقة العمل بين مورثها وبين الطاعنين لا تندرج تحت مدلول عبارة الدعاوى الناشئة عن عقد العمل طبقاً لنص المادة 698 من القانون المدني وليست دعوى بحق ناشئ عن عقد العمل؛ وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة التفرقة بين تقادم الحق وتقادم الدعوى فإن دعوى المطعون ضدها لا تكون خاضعة لأحكام التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم عول في قضائه بثبوت علاقة العمل بين مورث المطعون ضدها والطاعنين على أقوال شاهدي المطعون ضدها مع أنها تنازلت عن حكم التحقيق وعن سماع باقي الشهود وكان يتعين على المحكمة بعد أن رفضت الدفع بالتقادم أن تحيل الدعوى إلى التحقيق لتمكينهما من نفي قيام هذه العلاقة مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الثابت من محضر جلسة 26/ 10/ 1977 أمام محكمة أول درجة أن المحكمة سمعت شهادة أحد شهود المطعون ضدها التي تنازلت عن سماع بقية الشهود ولم يعترض الطاعنان على ذلك ولم يتمسكا بسماع شهودهما فأحالت المحكمة الدعوى إلى المرافعة وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قواعد الإثبات غير متعلقة بالنظام العام مما يجيز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً ويعتبر سكوت الخصم عن الاعتراض على الإجراء مع قدرته على إبدائه قبولاً ضمنياً له؛ وكان لا يعيب الحكم استناده في قضائه إلى شهادة شاهد المطعون ضدها فإن النعي على الحكم الخطأ في تطبيق القانون أو الإخلال بحق الدفاع لا يكون له أساس.
وحيث إن مبنى السبب الخامس من أسباب الطعن الفساد في الاستدلال وفي بيانه يقول الطاعنان إن الحكم قضى بثبوت علاقة العمل بين مورث المطعون ضدها والطاعن الأول سنتي 73، 74 تأسيساً على شهادة ا لشهود التي لا تؤدي إلى ثبوتها إذ شهد أحدهم بأن العلاقة بدأت سنة 74 وشهد ثانيهم بأن علاقة العمل استمرت نحو خمسة أشهر أو ستة مع أن الثابت من محضر الجنحة رقم 4556 لسنة 74 قويسنا أن المورث توفى في 20/ 8/ 1974.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن لما كان ما حصله الحكم من أقوال الشهود من بدء علاقة العمل سنة 73 وأجر المورث واستمرار العلاقة حتى توفى المورث في سنة 74 يؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من إثبات قيام هذه العلاقة خلال الفترة الموضحة بصحيفة الدعوى وكان تقدير شهادة الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع فهو غير ملزم بتصديق الشاهد في كل قوله بل له أن يطرح منه ما لا يطمئن إليه وجدانه كما أن له أن يأخذ بمعنى للشهادة دون معنى آخر تحتمله أيضاً ما دام المعنى الذي أخذ به لا يتجافى مع مدلولها؛ فإن ما يثيره الطاعنان لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير شهادة الشهود لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق